المكتبةمقالاتمقالات وحوارات

” قتل النساء سياسة ممنهجة “

إن قتل النساء هو تعبير جديد يوصف حالات القتل العمد والمقصود أو القتل الخاطئ للنساء , حيث يقوم شخصٌ ما بقتل امرأة لأسباب قائمة على نوع الجنس ولكن تختلف التعاريف باختلاف السياق الثقافي , فنحن نرى ـن الرجل يقتل المرأة فقط لكونها امرأة و أثبتت الأبحاث وجميع المواثيق إن أكثر من 80 %  من جميع حالات قتل النساء تحصل على يد الرجل , ويتم تعريف مصطلح قتل النساء أيضاَ بأنه شكل من أشكال العنف المنظم الذي يمارس ضد المرأة من أجل اخضاعها دائماً إلى التبعية وتهميش دورها والقضاء على هويتها , سواء من خلال الاخضاع الجسدي والنفسي حتى يصل الأمر للعبودية أو الموت .

في عام 1801 ذكر مصطلح قتل النساء في ساخر بانجلترا يتكلم عن امرأة تم اغتصابها وعلى أثر ذلك تم قتلها , وبعد ذلك انتشر مصطلح قتل النساء في عام  1848 وأشارت مصادر قضائية  في بريطانيا بأن قتل النساء جريمة يعاقب عليها , وفي عام 1990  ذكر مصطلح قتل النساء على يد الرجال للأسباب التالية (  الكراهية – الاحتقار – المتعة أو الرغبة في امتلاك المرأة , وأعربت الكاتبة والباحثة ديانا راسيل في كتابها عن العنف الشديد الممارس من قبل الرجل ضد المرأة هو نتيجة ممارسات الكراهية ضد النساء أو الميسوجينية ( الخوف من النساء)  وذلك تحت عنوان سياسة قتل المرأة .

انتشرت حالات قتل النساء في العديد من الدول والبلدات منها الأوروبية وفي أمريكا الوسطى والجنوبية وأيضاً ازدادت في دول الشرق الأوسط.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن معدل ضحايا القتل وإلحاق الضرر للنساء انخفض ابتداء من عام  1970, وقد تم ملاحظة هذا الانخفاض في معظم البلدان الاوربية مع وجود حالات استثنائية لقتل النساء ولكن بمعدل منخفض .

في 11 مايو 2011 قام أعضاء مجلس اوروبا بتوقيع اتفاقية في اسطنبول بشأن منع ومكافحة العف ضد المرأة والعنف المنزلي أيضاً, وتعد أول اتفاقية أوروبية مخصصة تحديداً للتعامل مع العنف ضد النساء , ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2014,  وأصبحت وثيقة ملزمة قانونياً على دول الأعضاء , وبالتالي قامت منظمة العفو الدولية بإظهار حالات العديد من النساء والفتيات بالتعرض للضرب والاغتصاب والتحرش وتشويه أعضائهن التناسلية الأنثوية, والآن يتعين على أوروبا أن تنهض لتبين الحقيقة منها , اتفاقية اسطنبول توفر لهن أداة قوية للتعامل الشامل مع هذا الانتهاك الواسع الذي  يلحق الخراب بحياة ملايين من النساء بشكل يومي , ويتعين على الحكومات في مختلف أرجاء اوروبا و آسيا الوسطى أن تظهر لديها الإدارة السياسية , وأن تترجم الاتفاقية إلى تدابير ملموسة حيث قامت 32دولة بالتوقيع على هذه الاتفاقية , وتركيا كانت البلد الأول التي لم تلتزم بها حتى اليوم والموقعة على هذه الاتفاقية , وفي عام 2015 وقعت البلدان التالية على الاتفاقية وهي (البانيا- والبرتغال – مولودنيا  ايطاليا – البوسنة والهرسك –النمسا – صربيا – اندورا – دنمارك – فرنسا- فنلندا – اسبانيا –سويد- طبعاً لا يخلو العنف ضد النساء في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية) يتراوح قتل النساء منذ سبعينات القرن العشرين ما بين 3,8 إلى 4,5 حالة وفاة لكل ما يقل عن 100 ألف امرأة وحالات الانتهاك الجسدي 97 % وأكثرها في كارولينا .

وأعلى معدل لقتل النساء يقع في المناطق الجنوبية والشرقية لأمريكا وغالباً مرتكبي جرائم قتل النساء في تلك المناطق أزواج المرأة المقتولة ويليهم في ذلك الإخلاء والعشاق الذكور كما يميلون الى أن يكونوا من نفس عرق الضحية وترتكب هذه الجريمة في الغالب بأسلحة نارية يليها استخدام السكاكين والضرب المبرح.

ظهرت في أمريكا اللاتينية تحديداً في المكسيك تنظيم لجماعات مناهضة لقتل النساء لمحاولة تحدي هذا الظلم الاجتماعي ,وبالتالي تأسست منظمات نسوية تتبنى نفس الأفكار , وامتدت المنظمات كتأسيس من المكسيك إلى غواتيمالا حيث قتلت 5000 امرأة بوحشية في غواتيمالا بعام 2000 وهذا ما يدل على فشل الدولة في فرض القانون لحماية النساء من القتل وأيضاً يدل على أن فرض القوانين ضد قتل النساء يملك أولوية منخفضة لدى حكومة الدولة بسبب المعتقدات الأبوية والافتراضات حول دور المرأة في المجتمع.

وإن مناطق الشرق الأوسط ليست أفضل من أمريكا اللاتينية أو الاوروبية  من ناحبة الإحصاء لجرائم العنف ضد المرأة بل بالعكس تصدرتها في الجرائم , والسبب العقلية الذكورية والقبلية حيث أنه وبشكل أساسي ومباشر تقع المسؤولية على التربية والنظام التعليمي بإضافة إلى غياب القوانين التي تجرم هذه الأعمال في البلاد العربية والعقلية الذكورية القبلية التي تتربى عليها المجتمعات التي تربط الشرف بالمرأة وأجزاء محدودة من جسدها وتعتبر أن شرف العائلة والأمة مرتبط بها.

إن الحروب التي واجهتها بلدان الشرق الأوسط كانت سبباً لتصعيد القتل المنظم ضد النساء , ويجب الإشارة إلى أن شمال سوريا بفضل مفهوم الإدارة الذاتية كانت بحد ذاتها قفزة نوعية وثورية تساند المرأة بالدرجة الاولى.

ففي عام 2014وضعت بنود ومواد قانونية تحمي المرأة بالدرجة الأولى من جميع أشكال العنف تحت عنوان “قانون المرأة” ومن أهم القوانين التي اتبعتها الكثير من الدول هو إزالة قتل الشرف واعتبار جرم القتل ( أي قتل المرأة بدافع الشرف) هي جريمة قتل عقوبتها مؤبد دون أعذار مخففة او أسباب تخفيضية , واعتبرت أيضاً العنف المنزلي  جريمة يعاقب عليها القانون , ومادة جريمة تعدد الزوجات والتي تعتبر أحد أشكال العنف ايضاً,  يعاقب عليها ولكن رغم وجود القوانين إلا أن حالات القتل والعنف لا زالت مستمرة والسبب يعود إلى العادات والتقاليد البالية في مجتمعاتنا  وأيضا تطبيق القوانين بشكل صارم وجدي .

وهذا ما يقع على مسؤولية الحكومة والإدارات والهيئات والمنظمات أن تفعله إزاء جميع أشكال العنف ضد المرأة ,وهو تغيير الذهنية الذكورية المتسلطة وإبعاد فكرة أن المرأة وجسدها شرف عائلتها.

منظمة سارا

زر الذهاب إلى الأعلى