المكتبةلجنة الايكولوجيةمقالات

“استقرار الأرض يعتبر في نفس الوقت استقرار الذات “

مصطلحي الأرض و الوطن و حبهما يخلقان لدى أي شخص العديد من المشاعر، و بالتالي تخلق لديهم القافات و اللغات التي تحدد انتمائهم، و يجعلهم يقدمون الجهد المعنوي و المادي لإبقائهم في حالة استقرار تامة.

نتداول العديد من المصطلحات والكلمات الجميلة ذات القيم المعنوية والباعثة على الارتباط والحب والتماسك بالأماكن التي كبرنا وترعرعنا داخلها،  فمصطلحي الأرض والوطن وحبهما  يخلقان لدى أي شخص العديد من المشاعر وبالتالي تخلق لديهم الثقافات واللغات التي تحدد انتمائهم، مما يجعلهم يقدمون الجهد المعنوي والمادي في إبقائهما بحالة استقرار مليئة بالأمان كون استقرار الأرض يعتبر في نفس الوقت استقرار الذات، استناداً على ما تم ذكره لجأ الإنسان منذ القديم وعبر قطع مسافات طويلة عبر الزمن احتوت بداخلها عدد من العصور التي تميزت بتقلب أجوائها وتغير مناخها إلّا أنه وعلى الرغم من كل المعاناة والمصاعب التي تعرض لها سعى دائماً لبناء حياة على أرض توفر له سبل العيش والاستمرار ضمن أجواء مفعمة بالاستقرار،  من اجل تحقيق السلام وضمان استمرار النسل البشري لعبت المرأة أيضاً الدور الريادي والفعال من خلال ممارستها لدور الأم والمعلمة في نفس الوقت، لقد تعلمت من الطبيعة وعلمت الإنسان من علمها المكتسب  من خلال متابعتها ومراقبتها لحركتها اليومية،  مما خلق بينها وبين الطبيعة، العائلة والوطن المنتمي له روابط تشبه رابطة الأم بالطفل الرضيع الذي تسعى الأم لحمايته ورعايته وحفظه من أي أذى، بهذه العاطفة تمكنت الأم من إنشاء الثقافة والأخلاق التي أدت لاستمرار الحياة إلى يومنا هذا. وعليه نستطيع القول بأنّ المرأة هي صاحبة العلاقة الأقوى مع البيئة ومواردها فهي التي تربي الأجيال وبالتالي هي التي تنمي فيهم الإحساس بالمسؤولية تجاه البيئة كما وتتحمل المرأة مسؤولية إدارة البيت مما يجعل لها شأن في مواجهة التلوث المنزلي وفي اختيار السكن المناسب بيئياً وهذا نابع من الارتباط الوثيق بين المرأة والطبيعة والذي ينبع تاريخياً من العلاقة بينهما في المجتمع الطبيعي. لذلك تسعى جاهدة للحفاظ على الميراث الذي حصلت عليه خلال مسيرتها مع الطبيعة وذلك باستخدام كل ما هو صديق للبيئة. حيث تعمل المرأة بكثرة بفلاحة الأرض وزراعة المحاصيل والخضراوات ورعي الحيوانات. مما يجعلها أكثر الأفراد إحساساً وشعوراً بالمشاكل البيئية بدءً من تدهور التربة الزراعية والجفاف وتلوث المياه والهواء وانتشار الآفات والامراض، وتثبيتاً لعلاقتها مع البيئة الطبيعية فهي تقوم دائماً بزراعة حب قيم الوطنية والجمال وحب البيئة في نفوس أطفالها منذ الصغر. وذلك باتباع مبادئ الأخلاقيات والجمال. حيث أنّ المرأة من خلال مراقبة الطبيعة واكتساب الخبرة منها للاستمرارية شعرت بأن الطبيعة تعطي ولا تبخل فكونت معها علاقة حب وانسجام كما أن المرأة بطبيعة تكونها تشبه الطبيعة تماماً لذلك تعد المرأة منذ بداية نشوء المجتمعات هي الأقرب إلى الطبيعة مما جعلها الطالبة والمعلمة الأولى التي تعلمت منها كافة مستلزمات الحياة. عليه فإنّ أولى المبادئ التي تمثلها المرأة الحرة هو مبدأ الوطنية والتمسك بالوطن والدفاع عنه، لذلك تقوم المرأة بالمقاومة من أجل حماية مجتمعها وبيئتها من التخريب و الاعتداءات الذي قامت ومازالت تقوم به القوى السلطوية الجنسوية على البيئة والبشرية معاً وذلك من خلال إنشاء ذهنية جنسوية متحكمة بأدق تفاصل الوجود ومستغلةّ إياه لمصالحها واستمرارها، ولكي تستطيع تحقيق ذلك أنشأت أفراد بذهنيات معادية ومغتربة عن الطبيعة، وكون أي تدخل في البيئة يعد تدخلاً على جسد وعقل المرأة بعلاقة طردية أي أنّ حرية المرأة هو حرية البيئة والمجتمع وعبوديتها عبوديتهم. لجأت هذه القوى دائما لتحقيق هذه النظرية من خلال استعباد النساء والتقليل من شأن البيئة وجعلها مواد وجدت لخدمتها عبر آلاف السنين والسعي لإبقاء الكوكب في حالة فوضى دائمة، اليوم أيضاً وفي عام 2022 م على وجه الخصوص ازدادت حدة الحروب والصراعات واستخدمت شتى أنواع الأسلحة المعادية للطبيعة و التي أوصلت البشرية والبيئة الى أهول درجات الهلاك المنادي بعدم تحمل كوكبنا أي تدخل آخر يضر بالتوازن البيئي الذي يلفظ أنفاسه بصعوبة نتيجة الإخلال به وعدم احترام توازناته من قبل السلطويين والمهيمنين على الأرض. لذلك ومن إجل التخلص من الآثار السلبية لهذه الذهنية نرى أنفسنا نحن النساء الثوريات والمناضلات عبر التاريخ لا سيما النساء ضمن حركة مؤتمر ستار في شمال وشرق سوريا صاحبات المسؤولية الكبرى تجاه تحقيق ثورة بيئية وطنية منادية بالسلام البيئي من خلال تحقيق مبدأي الوطنية وحب الوطن اللذين يمكن تحقيقهما من خلال الاستمرار بالنضال ضمن ثورة روج آفا التي تحققت بسواعد وتضحيات آلاف الشهداء أيضاً من خلال اتباع فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان التي تتخذ من الجانب الأيكولوجي ركناً أساسياً في التخلص من أمراض الذهنية السلطوية والاستمرار بالعيش لفترات أطول وذلك باتباع سياسات ايكولوجية اقتصادية تكنولوجية وايديولوجية في حياتنا اليومية من أجل الارتباط والتواصل مع البيئة وإزالة كافة أشكال الاغتراب البيئي وبالتالي تحقيق الانتماء للأرض وعدم السماح لأي عدوان أو احتلال قد يخل بوحدة وسلام هذه الأرض. تحقيق ثورة بيئية يمر من الحفاظ على الثقافة الخضراء التي مازالت تعاش وبشكل جميل ضمن القرى والبلدات التي لم تطلها أيدي الرأسماليين.

 

ريحان تمو

الناطقة باسم لجنة البيئة لمؤتمر ستار

زر الذهاب إلى الأعلى