أدبيات

ما هي الجولة الرابعة في جنيف..؟!

اجتمعت اللجنة الدستورية في جنيف الأسبوع الماضي، بالطبع كما هو متوقع وكالعادة لم يتم الوصول إلى أي نتيجة، ليس هذا فحسب بل أنه وحسب مصادر موثوقة، وصلت النقاشات إلى حد تبادل التهم وتجريم الوفود المفاوضة لبعضها البعض، حيث وصف النظام وفد الهيئة المفوضة من قبل الائتلاف بأنها هيئة الإخوان المسلمين وأنها مثل داعش في حين قامت الهيئة المفوضة من قبل الائتلاف بوصف النظام بأنه مجرم، بمعنى أن هذا ما كان عليه مستوى النقاش بين الذين أسندت إليهم مهمة وضع دستور لسوريا المستقبل.
كل شيء يؤكد بأن هذه الاجتماعات ليست سوى سياسة لكسب الوقت، ذلك أن كل الأطراف الموجودة غير مستعدة للوصول للحل وذلك للأسباب التالية:
أولاً: تفتقر الهيئات المخولة بالمفاوضات للإرادة السياسية التي هي ركن أساسي لأي طرف يريد الوصول لحل، فالنظام عندما يرسل وفده لا يرسله ليتفاوض أنما للماطلة لا أكثر، والطرف المقابل لا يستطيع أن يقرر شيئاً دون الرجوع إلى تركيا وتركيا بدورها لا تريد حلاً للمعضلة السورية فهي تسعى إلى مزيد من الاستثمار في هذه الفوضى لذا فهي غير مستعجلة للوصول إلى حل.
ثانياً: القوى الدولية أيضاً غير مستاءة من سياسة المماطلة هذه لأنهم أيضاً لا يملكون أي مشروع حل أو أنهم لا يريدون حلاً في الوقت الراهن، لأن سوريا هي جزء من الشرق الأوسط ولا يمكن أن تستقر مستقلة عن العراق ولبنان وتركيا المجاورة لها.
ثالثاً: عدم وجود ممثلين عن شمال وشرق سوريا باعتقادي دليل ساطع على أن المجتمع الدولي ليس لديه نية لحل المسالة في سوريا، لأن إقصاء هذا العدد الهائل من سكان سوريا من التمثيل في المفاوضات، يعني أن الحل غير موجود وأن دوامة العنف واللا حل في سوريا مستمرة.
رابعاً: الكل ينتظر ما ستضعه حكومة بايدن من خارطة طريق للسياسة الأمريكية في المنطقة وسوريا، سيكون هناك ركود دبلوماسي إلى حين أن تتوضح معالم السياسة الخارجية الأمريكية مع وضع فريق بايدن أقدامهم في البيت الأبيض.
بالرغم من كل الغموض والضبابية السائدة، ثمة ما هو جلي وواضح بشكل كبير وهو أنه هناك حاجة ماسة إلى تغيير في المسار الموجود.
 هذه المعارضة الفاشلة لا يمكن أن تحقق نجاحاً؛ لأنها تفتقر لكل مقومات النجاح، ولا يمكن أن تتحول إلى بديل عن النظام لأن وجود الائتلاف السوري المتبني والراعي للفصائل المرتزقة في المعارضة أدى إلى فقدان المعارضة لمصداقيتها، ما يجري في عفرين وسري كانيه وتل أبيض جريمة بحق السوريين حيث تحوّلت المعارضة وهذه الفصائل إلى سلاح في يد تركيا تستخدمهم متى شاءت وكيفما شاءت، لذلك هناك حاجة لمعارضة جديدة، معارضة تملك مقومات سياسية وعسكرية لائقة بالسوريين الذين انتفضوا من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة والمساواة، معارضة تمثل وتحمل مطالب كل السوريين بغض النظر عن هويّاتهم الإثنية والدينية والثقافية وهذه المقومات لا نجدها سوى في شمال وشرق سوريا.
كل ما هنالك هو أن يلتف حول هذه التجربة الموجودة في شمال وشرق سوريا كل من يشعر بالمسؤولية تجاه تضحيات الشعوب في سوريا.
نحن بحاجة إلى ثورة جديدة، ثورة لا تتم إلا بالعودة إلى وجدان الشعب وإلى مطالبه التي انتفض من أجلها في عام ٢٠١١ وإذا ما استمر الوضع على هذا المنوال فإننا سنشهد عشرات الجولات دون جدوى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى