أدبيات

من عبق الأدب الرقاوي فاح شذى رحيق امرأة كاتبة كتبت بأناملها اسمها في التاريخ

كشفت الكاتبة والأديبة فوزية مرعي أنها بدأت الكتابة في الـ28 من العمر, مبينة أن أصعب ما عاشته هو الكتابة في زمن مرتزقة داعش التي أحرقت الذكريات وسعت لإحراق الأدب بحجة أنه بدعة, منوهة أن مصدر إلهامها هو هدوء الليل وتفاصيله.

انبثقت من عمق مدينة الرقة, لتنبث زهرة جديدة في الشعر والأدب من مواليد 1948م, ودرست حتى الصف الثالث الثانوي, ولتكون عبقاً من رحيق سحر الشعر والأدب وتكتب بأناملها قصة امرأة كاتبة جديدة من كاتبات الرقة, إنها فوزية المرعي.

هذا وحدثتنا خلال حوار خاص أجرته مراسلتنا مع الكاتبة والأديبة والشاعرة فوزية المرعي, عن سلسلة الكتب التي قامت بتأليفها ومسيرتها الأدبية, مشيرة إلى أن الأدب بما يحتويه من شعر, غناء, موسيقى, روايات وقصص وغيرها, عبارة عن موهبة ولدت معها, وقالت:” موهبتي الشعر, وكتبت القصص والشعر”.

ومن جانبها أوضحت فوزية أن الأدب يولد من رحم المعاناة والألم, على شكل مشاعر يخطها الكاتب بحروف وعبارات تحاكي وتحكي ما مر به, وقالت:” بدأت الكتابة في عمر الـ28 عاماً, كنت وقتها أظن أنني تأخرت وأن قطار العمر فاتني, وقتها التقيت بالدكتور عبد السلام عجيلي, ومنه استمديت المعنويات للمواصلة, لقد أراني الحقيقة, وفي غمضة عين ما كنت أظنه خطئاً لمستُ صحته من خلال الأدلة والبراهين”.

وكشفت فوزية أن الدكتور والأديب عبد السلام أرشدها في كتاباتها, فقالت:” كنت خجولة جداً في السنة الأولى, خائفة, حائرة, لم أعرف ما معنى ما يخطه قلمي, ولم أعرف ما هي موهبتي, لكنني طبعت كتب وقصص منها” قناديل الوجود وهي جزأين, بحيرة الشمع, خلف ذاكرة الأبصار “.

وعما أسمته الكتابة في زمن داعش, لم تخفي فوزية سخطها نظراً لأن داعش حرم الشعر والفكر والأدب, بحجة أنها بدع إسلامية, وقالت:” لقد تم ترحيل, جلد, قصاص العديد من المواهب التي كانت تحتضنها مدينة الرقة, رأيت كيف تم حرق العديد من المنازل والأعمال والجوائز, لقد أحرقوا الذكريات القيمة التي كانت في منزلي الذي كان أحد تلك المنازل, وما تبقى لدي من كتابات أحفظه على كرت صغير”.

وعندما سيطر عناصر مرتزقة  داعش على الرقة عام 2014م، قاموا بمصادرة منزل ” فوزية المرعي”، ومن ضمنه المنتدى، وقاموا بحرق المكتبة الشخصية التي أسستها خلال خمسة عقود من الزمن.

وعن الإلهام صرحت فوزية أنها تستمده ككل كاتب من الطبيعة المحيطة بها, كالسماء, البحر, الشجر وغيرها, فقالت:” انا أعشق ما تخبرني به النجوم والسماء في الليل, فإلهامي كله استنبطه من تفاصيل الظلام, فبعد أن ينام الجميع, أبدأ بالكتابة من الساعة الـ1 ليلاً, وحتى تشرق شمس الصباح, فأتطلع للقمر, وأشبع نظري من النجوم المتلألأة لأسبح في فضاء واسع, وأنا من الكاتبات اللواتي لا يملن للولوج في تفاصيل الواقع في كتابتهن, فأمتطي صهوة الخيال دوماً”.

وعبرت فوزية عن الخيال في كتاباتها بالقول:” عن طريق كتاباتي أقطن في الأكواخ, وأرسم صورة الزهرة الواحدة على أنها حديقة جميلة, فأخوص في بحر من الأفكار, إذ أنني عن طريق الخيال أصل إلى أعالي قمم الجبال, فالكاتب الذي لا يملك الخيال غير قادر على كتابة قصة صغيرة, لأن الخيال هو مرآة الكاتب والأديب أو الشاعر”.

أما عن أكثر كتاب مقرب إلى قلبها لفتت فوزية الانتباه إلى أنه بعنوان” قارب عشتار برحلة نهرية من توتول إلى ماري”, وقالت:” عشتار ليس كتاباً أو أوراقاً مزخرفة بالحبر والكلمات, إنه أحد ابنائي, فأنا لم أزرق بأولاد, لكن هذا الكتاب كان بمثابة هذا الأبن بالنسبة لي, إذ أنه لاقى صدى واسع بين القُراء”.

وعن جانب آخر عبرت فوزية عن الفرق بين أدب اليوم والأمس, معربة أن كُتاب اليوم يرون الأدب والشعر مهنة للحصول على المال أو الشهرة, إضافة إلى أننا نرى كتابات يتم تحريفها أو تغيير جزء منها ونسبها إلى كاتب لم يُعرف بعد, وهذا ما يُعد سرقة للكتاب والشعراء الراحلين, وقالت:” السرقة لا تجعل من الشاعر عظيماً, لأن الموهبة هي ما تصقل الشاعر الحقيقي, والموهبة هي حالة فطرية, لا يتمتع بها أي شخص”.

ودعت فوزية في الختام النساء من الجيل الحالي, اللواتي يرين في أنفسهن حب المطالعة والقراءة, أو حتى الكتابة أن يعززن أنفسهن ويعتمد على ذواتهن, وفي رسالتها قالت:” أحبي ما تخط أناملك وآمني بما تعملينه, وانظري إلى من كن قبلك من الكاتبات واللواتي حفرن أسمائهن في كتب التاريخ, وهن كتب التاريخ”.

ونذكر أنه من كتابات الأديبة فوزية المرعي”  قناديل الوجود التي نشرت على جزأين، بحيرة الشمع, خلف ذاكرة الأبصار, الهباري, رشفات, هديل على مقام النوى, غريبة بين الشاهدة والقبر, قارب عشتار من توتول إلى ماري “.

وهنالك بعض الأعمال التي تطبع ولا تنشر و بحاجة إلى دعم ومنها” ديوان شعر بعنوان على مقام الوجد, ومجموعة قصصية, مجموعة نثرية بعنوان قناديل”.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى